بقلم الإعلامي عادل رشدي
لم تعد المنافسة في قطاع التأمين تقتصر على تقديم أفضل الأسعار أو أوسع التغطيات، بل امتدت لتشمل جودة التجربة التي يحصل عليها العميل. وفي هذا السياق، برزت منصات الأتمتة والذكاء الاصطناعي كلاعب أساسي، لا يغير فقط من طريقة عمل الشركات، بل يعيد تعريف مفهوم الخدمة والشفافية. إنها ثورة تهدف إلى تبسيط الإجراءات المعقدة، وتسريع الاستجابة، وبناء جسور من الثقة الرقمية مع العميل.
تحويل التحديات إلى فرص
لطالما عانت شركات التأمين من تحديات كبرى، بدءاً من بطء معالجة المطالبات، وصولاً إلى حجم العمل الورقي الهائل والاستفسارات المتكررة التي تستهلك وقت موظفي خدمة العملاء. هنا يأتي دور منصات الأتمتة، التي تقدم حلولاً متكاملة لمعالجة هذه التحديات بفعالية.
تُقدم هذه المنصات روبوتات دردشة ذكية (Chatbots) يمكنها التفاعل مع العملاء على مدار الساعة، والإجابة على استفساراتهم الأولية بشكل فوري. هذه الروبوتات قادرة على التعامل مع أسئلة شائعة مثل: “ما هي تغطية بوليصة التأمين الخاصة بي؟” أو “كيف يمكنني الإبلاغ عن حادث؟” أو حتى “ما هي المستندات المطلوبة للتعويض؟” من خلال أتمتة هذه المهام الروتينية، تُقلل المنصات من الضغط على فريق خدمة العملاء، مما يتيح لهم التركيز على الحالات المعقدة التي تتطلب تدخلاً بشريًا.
Ebotsy: نموذج لمنصات الأتمتة الذكية
من بين هذه الحلول المتطورة، تبرز منصات مثل Ebotsy.com، التي تتيح للشركات إقامة قنوات تواصل فعالة ومؤتمتة عبر منصات شائعة مثل واتساب وفيسبوك ماسنجر. هذه المنصة، المعتمدة رسمياً من مجموعة “ميتا”، تقدم أدوات قوية لشركات التأمين، مما يمكنها من:
- تلقي المطالبات آليًا: يمكن للعملاء إرسال صور الأضرار والمستندات اللازمة عبر الدردشة، ليقوم النظام بتحليلها وتوجيهها مباشرة إلى القسم المختص، مما يسرع من عملية المعالجة.
- إدارة الشكاوى والملفات: توفر المنصة نظامًا مركزيًا لإدارة جميع الملفات والشكاوى بشكل فوري ومنظم، مما يقلل من الأخطاء ويضمن تتبع كل حالة بدقة.
- تخفيض التكاليف التشغيلية: من خلال أتمتة نسبة كبيرة من المهام الروتينية، تستطيع الشركات تخفيض تكاليفها التشغيلية بشكل ملحوظ وتحسين كفاءة مواردها البشرية.
- تعزيز ولاء العملاء: توفير تجربة سريعة وشفافة ومتاحة على مدار الساعة يبني ثقة قوية بين العميل والشركة، ويزيد من ولائه على المدى الطويل.
تجاوز التحديث التقني إلى التحول الاستراتيجي
إن دور هذه المنصات يتجاوز مجرد كونها تحديثًا تقنيًا؛ إنها محفز للتحول الثقافي والاستراتيجي. الشركات التي تتبنى هذه الحلول تُثبت أنها فاعل موثوق به في العصر الرقمي، قادر على مواكبة توقعات العميل المتزايدة. الرقمنة لم تعد ترفًا، بل هي السبيل الوحيد لضمان الاستمرارية والنمو في سوق شديد التنافسية.
في النهاية، إن مستقبل قطاع التأمين مرهون بمدى قدرة قادته على تبني هذه الأدوات الذكية، ليس فقط لتبسيط الإجراءات، بل لبناء الثقة الرقمية التي ستعيد تعريف معنى الخدمة والولاء في السنوات القادمة.